العوينة 16 أفريل 2011 (وات) - أكد السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة لدى افتتاحه يوم السبت بالعوينة أول ندوة للولاة بعد ثورة 14 جانفي أهمية إقرار مبدا المناصفة في القائمات الانتخابية للمجلس الوطني التأسيسي الذي صادقت عليه الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
ووصف هذا القرار بالجريء والهام والتقدمي غير أنه لاحظ أن كل الجهات قد لا يكون بإمكانها احترام هذا المبدا بما سيؤدي إلى سقوط بعض القائمات، وتفاديا لذلك أشار الوزير الأول إلى أهمية احترام مبدأ التناصف بنسبة 30 بالمائة على الأقل.
وبخصوص إقصاء الذين تحملوا مسؤوليات صلب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل من العملية الانتخابية أكد الباجي قائد السبسي ان هذا القرار على أهميته سينتج عنه انخرام للتوازن في المشهد السياسي ولن يكون لفائدة الأحزاب الجديدة بل لفائدة حزب معين أو فئة معينة، ولا بد من مزيد التمعن ومواصلة مناقشة هذا القرار عبر الاستماع إلى آراء جميع الأطراف. ومن المقرر أن يتم البت في القرار يوم الجمعة القادم.
وأضاف أن بعض الأحزاب "نشيطة ومتهيئة" أكثر من غيرها لخوض غمار الحياة السياسية والمحطات الانتخابية ولا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار من أجل تأمين أفضل الظروف لسير العملية الانتخابية حتى لا يكون هنا "ظالم أو مظلوم او شطط" مشيرا إلى أنه سيتم تكوين هيئة وطنية مستقلة للإشراف على تنظيم الانتخابات المرتقبة في كنف التعاون مع منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وخبراء في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بدفع التنمية بالجهات أفاد الباجي قائد السبسي أن الحكومة المؤقتة ستحرص خلال شهر ماي القادم على قلب المعادلة من أجل القضاء على مشكل التفاوت التنموي بين الجهات حيث سيتم تخصيص 80 بالمائة من الميزانية للمناطق الداخلية المتضررة و20 بالمائة للمناطق الساحلية مضيفا انه سيتم كذلك بعث برنامج تشغيل استثنائي بالتعاون مع المؤسسات الاقتصادية سيوفر مواطن شغل لفائدة 60 الف عاطل عن العمل.
وأوضح أن هذا البرنامج الاستثنائي يرمي إلى انتداب 20 الف طالب شغل بالوظيفة العمومية و20 الف بالقطاع الخاص و20 الف لتعزيز صفوف الامن والجيش الوطنيين خاصة ان عدد العاطلين عن العمل مرشح لتجاوز 700 الف خلال سنة 2011 .
وأعرب الباجي قائد السبسي على صعيد آخر عن الاعتزاز بثورة الشعب التونسي التي كانت سلمية بما جعل منها حدثا عالميا استقطب اهتمام بلدان المعمورة ونسجت على منواله عديد الشعوب العربية رغم انها كانت ثورة تلقائية دون خلفية ايديولوجية أو سند خارجي أو تأطير أو زعامة مؤكدا أن إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي يستوجب نكران الذات والتضحية وروحا وطنية عالية.
ولاحظ من جهة أخرى أن مهمة الحكومة المؤقتة تتمثل في تصريف شؤون البلاد والارتقاء بها إلى وضع أفضل وتهيئة الأرضية للحكومة القادمة للعمل في نسق تصاعدي في اتجاه تحقيق أهداف الثورة وتكريس الديمقراطية مشيرا الى ان هذه المهمة "صعبة ودقيقة" نظرا لما تشهده البلاد من أوضاع متردية وانفلات أمني واعلامي.
وبين أن استتباب الامن يعد شرطا اساسيا لتحقيق بقية الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخروج من /المأزق/ الذي تعيشه البلاد وإعادة الدورة الاقتصادية الى سالف نشاطها لا سيما من خلال استقطاب الاستثمارات الاجنبية وإنعاش قطاع السياحة.
وأكد الوزير الأول أن إنجاح انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 24 جويلية القادم "هو رهان صعب يمكن كسبه بالعزيمة الصادقة" مشيرا الى ان الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي نظرت في عدد من مشاريع المراسيم أبرزها المرسوم المتعلق بضبط قواعد العملية الانتخابية للمجلس الوطني التأسيسي.
وبين أن الانتخابات المنتظرة "سيكون لها تأثير عميق على مسار البلاد" باعتبار ان المجلس الوطني التأسيسي المنتخب يحظى بالشرعية التي تخوله انتخاب رئيس الدولة وتشكيل الحكومة القادمة وتكريس الديمقراطية معربا عن الأمل في أن تجري الانتخابات "في كنف النزاهة والشفافية والحرية التامة والقطع كليا مع تصرفات النظام السابق بهدف الخروج من النظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي فعلي".
وأثار عدد من الولاة خلال الجلسة الافتتاحية عددا من المسائل المتعلقة بالحياة السياسية حيث لاحظ والي تطاوين انه يجب مراعاة مبدا المناصفة كذلك على مستوى رؤساء القائمات مشيرا الى ان قرار إقصاء التجمعيين "قد يظلم بعض العناصر النظيفة والكفأة التي تحتاج اليها البلاد".
واستنكر ولاة كل من القصرين وقفصة ومدنين سعي بعض التيارات الى عرقلة نشاط الحكومة المؤقتة وافشال العملية الانتخابية والانتقال الديمقراطي في تونس من خلال اثارة البلبلة والدعوة إلى الاعتصام والإخلال بالنظام العام مقترحين تنظيم استفتاء حول قرار إقصاء التجمعيين وحول مبدا التناصف.
كما دعا والي تونس إلى ضرورة الإعداد المادي المحكم للانتخابات القادمة في حين نبه والي الكاف إلى الأنشطة المكثفة لبعض الأحزاب في غياب الأمن حاثا على ضرورة وضع حد لهذه الممارسات وضمان إجراء الانتخابات في كنف الأمن.
وإثر ذلك تواصلت أشغال ندوة الولاة في جلسة مغلقة ستشهد بالخصوص تقديم عدد من أعضاء الحكومة مداخلات بشأن الأوضاع القطاعية وطنيا وجهويا والبرامج الجاري إعدادها لتنشيط مسيرة التنمية والتشغيل على مستوى مختلف جهات الجمهورية.